(زنا المحارم لو انتشر فإنّه يمكن أن يؤدّي إلى انتهاء الوجود البشري من أساسه)
على قنوات الفضائيّات بدأت تنتشر فضائح "زنا المحارم" وفي أحد برامج التّوك شو كانت تستنجد هذه الفتاة ووالدتها من والدها الذي كان يمارس معها الزّنا بشكل مستمرّ لدرجة أنّها لم تجد من ينقذها منه سوى أقسام الشّرطة. وعلى صفحات الجرائد نقرأ عن هذه الجريمة البشعة لهذا الشّاب ذو ال 19 سنة وهو يتحدّث عن قتله لأخته لأنّها رفضت معاشرته جنسيّاً وبالرّغم من تهديده لها بالقتل إذا لم تستجب لرغبته الشّيطانيّة، إلّا أنّ إصرارها جعله ينفّذ تهديده ويقتلها ...
وفي عيادة الطّبّ النّفسي تخبرنا إحدى الطّبيبات بقصص عن سيّدات لا يستطعن التّكلُّم عمّا تعرّضنَ له من تحرّش تحت التّهديد من أخِ الزّوج، أدّى لعلاقة جنسيّة كاملة جعلتها تحمل منه في أثناء سفر زوجها.
وفتاة 15 عام تعرّضت للاغتصاب من والدها وأخيها حتّى فقدت عذريّتها، وجلست تبكي لأنّها لا تجد من يحميها من أقرب النّاس إليها.
قصص كثيرة مؤلمة نسمع عنها هذه الأيّام عن زنا المحارم. ولكن كما يقال ما خفي كان أعظم، فهناك الكثيرات اللواتي تتعرّضنَ للاغتصاب أو التّحرُّش من أقرب النّاس إليهنّ وتخفنَ من هول الفضيحة.
هناك أشكال متعدّدة من زنا المحارم، فهناك بين الأب وابنته، وبين الأخ وأخته، وبين الابن وأمّه، وبين الخال أو العمّ، وبين زوج الأم وابنتها، وزوجة والأب وابن زوجها.
لماذا يحدث زنا المحارم؟!
• أسباب مرتبطة بالظّروف
وهو يحدث بين أخ وأخت ينامان في سرير واحد أو في غرفة واحدة فيقتربان جسديّاً أكثر من اللازم، وخاصّة في مرحلتَي ما قبل البلوغ والبلوغ.
• أسباب مصحوبة باضطراب مرضي شديد
كأن يكون أحد الطّرفين سيكوباتيّاً أو يتعاطى الكحوليّات أو المخدّرات أو مصاباً بالفصام أو أيّ اضطرابات ذهانيّة أخرى.
• أسباب ناتجة عن نموذج أبوي مضطرب
حيث يشاهد الولد أباه يفعل ذلك أو يعرف أنّه يفعله فيتقمّصه أو يقلّده.
• أسباب ناتجة عن اضطراب العلاقة الزّوجيّة
حيث ترفض الزّوجة العلاقة الجنسيّة فيبحث عنها الزّوج في غير محلّها (لدى أحد المحارم).
• أسباب ناتجة عن الاضطراب الشّديد في العلاقات الأسريّة
بحيث تصبح هذه العلاقات ممزّقة بما لا يعطِ الإحساس بأيّ حرمة في أيّ علاقة.
أكثر الحالات التي قد تمّ رصدها كانت في الأماكن الأكثر ازدحاماً والأكثر فقراً والأدنى في المستويات الاجتماعيّة، وهذه الزّيادة ربّما تكون حقيقيّة بسبب التّلاصق الجسدي في هذه البيئات المزدحمة.
المهمّ أنّ هناك عوامل اجتماعيّة ونفسيّة وبيولوجيّة تلعب دوراً في كسر حاجز التّحريم الجنسي، فينفلت هذا النّشاط ويتّجه اتّجاهات غير سليمة.
العوامل التي تساعد على انتشار ظاهرة زنا المحارم
• عوامل أخلاقيّة وروحيّة
ضعف النّظام الأخلاقي والرّوحي داخل الأسرة لدى بعض أفراد الأسرة أو كلّهم. وفي هذه الأسرة نجد بعض الظّواهر، ومنها اعتياد أفرادها خاصّة النّساء والفتيات على ارتداء ملابس كاشفة أو خليعة، إضافة إلى اعتيادهم التّفاعل الجسدي في معاملاتهم اليوميّة بشكل زائد عن المعتاد، مع غياب الحدود والحواجز بين الجنسين، وغياب الخصوصيّات واقتحام الغرف المغلقة بلا استئذان.
ومن المثير للذّكر أنّ المواقع الجنسيّة على الإنترنت فيها عدد كبير من القصص ومشاهد الفيديو التي تشجّع على ممارسة جنس المحارم.
• عوامل اقتصاديّة
مثل الفقر وتكدّس الأسرة في غرفة واحدة أو في مساحة ضيّقة ممّا يجعل العلاقات الجنسيّة بين الوالدين تتمّ على مسمع وأحياناً على مرأى من الأبناء والبنات، إضافة إلى ما يشيعه الفقر من حرمان من الكثير من الاحتياجات الأساسيّة والتي ربّما يتمّ تعويضها جنسيّاً داخل إطار الأسرة. ويصاحب الفقر حالة من البطالة وتأخّر سنّ الزّواج، والشّعور بالتّعاسة والشّقاء ممّا يجعل التّمسُّك بالقوانين الأخلاقيّة في أضعف الحالات.
• عوامل نفسية
كأن يكون أحد أفراد الأسرة يعاني من مرض نفسي مثل الفصام أو الهوس أو اضطراب الشّخصيّة، أو التّخلُّف العقلي، أو إصابة عضويّة بالمخ.
الآثار النّفسيّة والاجتماعيّة لزنا المحارم
حاول باحثان هما آدم ونيل (1967) أن يدرسا هذا الأمر من النّاحية البيولوجيّة البحتة فقاما بتتبّع حالة 18 طفلاً كانوا ثمرة زواج محارم فوجدا أنّ خمسة منهم قد ماتوا، وخمسة آخرين يعانون من تخلّف عقلي وواحد مصاب بانشقاق في الشّفة وسقف الحلق، وهي نسبة مفزعة خاصّة إذا عرفنا أنّ العيوب الخلقية في عامّة الأسوياء حوالي 2 % وأغلبها تكون عيوب غير ملحوظة.
لذلك خلص هذان الباحثان إلى أنّ زنا المحارم لو انتشر فإنّه يمكن أن يؤدّي إلى انتهاء الوجود البشري من أساسه.
طرق التّخلّص من زنا المحارم
أوّلاً: الرّفض القاطع
إذا كنتِ تتعرّضين لهذا النّوع من التّحرُّش عليك بإظهار رفضك لما يحدث بصورة قويّة وحاسمة مهما كانت تكلفة هذا الرّفض، وتهديد الطّرف الآخر بأنّه إن لم يكفّ فإنّك ستلجأين لمن يستيطع إيقافه، وعليك بمعرفة حقيقة أنّ كلّ شخص يقوم بفعل شيء خاطىء فإنّه يكون خائف، فلا تخضعي لتهديده لأنّه بالفعل يشعر بالخوف من افتضاح أمره.
ثانياً: الهروب
أغلقي كلّ الأبواب التي تؤدّي لأن يقترب منك، فإذا كان هناك مكان يجمعكم سويّاً فاهربي من هذا المكان، وإذا كان هذا المكان هو الحجرة نفسها التي تجمعك بأخيك، فقومي بتغيير هذا المكان فوراً أو التّفكير في طريقة تجعله خائف من التّعرُّض لك.
ثالثًا: اطلبي المشورة
ابحثي عن شخص حكيم تثقين فيه، قد يكون هذا الشّخص هو والدتك أو أحد أقاربك، أو أحد الأشخاص ممّن تشعرين تجاهه براحة وثقة، واطلبي منه المشورة والمساعدة والصّلاة لكي تتخلّصي بشكل نهائي من هذا التّعدّي وآثاره السّلبيّة على حياتك.
كما أنّ موقع معرفة يقوم بتقديم المشورة، في سريّة تامّة.
رابعًا: الشّفاء
هذه الخطوة هي خطوة هامّة جدّاً في طريقك مع الله، هل تعلمين أنّه كان يرى ما تتعرّضين له؟ هل تعلمين أنّه يشعر بما تشعرين به؟ هل تعلمين أنّه غير راض عمّا حدث لك؟ وهل تعلمين أنّه لا يلومك على ما حدث مغك؟ ولكن هل تعلمين أنّه فضلاً عن كلّ ذلك يريد أن يشفي نفسك المجروحة؟
"جويس ماير" وهي من أشهر المعلّمات المسيحيّات في العالم، تعرّضت للتّعدّي الجنسي من والدها لسنوات طويلة وقد أثّر ذلك في علاقتها بزوجها وفي كلّ نواحي حياتها، لقد كان الجرح عميقا جدّاً. إلى أن تمتّعت بشفاء المسيح لقلبها، واستطاعت بقوّة الحبّ الذي سكبه الله في قلبها أن تغفر لوالدها وتنال الشّفاء التام.
أَغلقي عينيك والجأي للشّخص الوحيد في هذا الكون الذي يرغب في مساعدتك، فإنّه يستطيع أن يشفيك تماماً، تأكّدي أنّه موجود وتأكّدي أنّه يحبّك ويقبلك ويستطيع أن يشفي كلّ ضعف في نفسك. تأكّدي أنّه يحبّك ويقبلك.