اشتعل الحوار على مواقع التّواصل الاجتماعي، لدرجة تشعرك بأنّ رائحة الكراهية والحقد لا تُحتَمل.
والسّبب هو أنّ هناك فتاة مسيحيّة، أحبّتْ شابّاً مسلماً بالرّغم من رفضها لهذا الشّاب في بداية الأمر، إلّا أنّه أصرّ على أن يستمرّ حبّهما وينتهي بالزّواج.
كانت الفتاة حائرة، فهي ستترك دينها، وأيضاً ستترك عائلتها التي تحبّها وتقدّرها .. لذا سألت في صفحة يغلب عليها الطّابع الإسلامي قائلة: لا أستطيع خسارة أهلي فهم لم يقصِّروا معي نهائيّاً، وفي الوقت نفسه لا أستطيع أن أبتعد عن هذا الشّاب الذي أحبّه، لقد حاولتُ تركه وفشلتْ، فماذا أفعل؟
كانت التّعليقات مليئة بالحماس لكي تترك هذه الفتاة دينها وأسرتها وتذهب لإشهار إسلامها وتتزوّج بمن تُحبّ.
وهناك من شجّعها لأنّ عائلتها ستنسى ما فعلته مع الأيّام وستقبل بوضعها الجديد.
وآخرون شجّعوها بألّا تخاف من الكنيسة التي قد تخطفها وتسجنها!.
حتّى أتى شاب وقلب موازين الحوار السّاخن هذا، وطرح هذا السّؤال:
"أعرف فتاة مسلمة قرّرت أن تترك دينها لأجل شاب تحبّه، وهذا ليس السّبب الوحيد فهي تقول إنّها دائماً تشعر بأنّها تميل للإيمان المسيحي وتشعر فيه بالرّاحة ..".
ثار بعض المتعصّبين .. وتحدّث البعض عن تطبيق حدّ الرّدّة .. والقليلون فكّروا بالعقل والمساواة .. حتّى قرّرت إدارة الصّفحة مسح هذا المنشور نهائيّاً.
القصّتين حقيقيّتين
ليست قصصاً حقيقيّة فحسب، ولكنّها قصص متكرّرة في كلّ مكان.
قد تكوني أنت في موقف صعب كهذا، صراع بين دينك وروابطك العائليّة، وبين من اختاره قلبك.
لنفكّر خارج الصّندوق
سأطرح في النّقاط التّالية أفكاراً مختلفة عن الأفكار السّائدة:
- من حقّكِ أن تختاري الشّخص الذي ستعيشين معه حياتك، ولكن إذا كانت مشاعرك هي الأساس الوحيد لاختيارك، فأنت لم تستعدّي ولم تنضجي بشكلٍ كافٍ لأخذ قرار هام كهذا في حياتك.
- الزّواج يُبنى على التّكافؤ بين الطّرفين، أي أن يكون لديهما الخلفيّة الثّقافيّة والاجتماعيّة والإيمانيّة نفسها، وقريبَين في المستوى المادّي والاجتماعي والدّراسي. وهذه الأساسيّات من شروط الزّواج النّاجح، فكلّما كنتما متشابهَين كلّما أصبحتْ حياتكما أكثر سعادة.
- المجتمع الشّرقي مجتمع قبائلي، يورِّث الدِّين، وينتزع حقّ الاختيار، ويربط بين الدِّين والعلاقات الأُسريّة. وحتّى الذين لا يهتمّون لأمر الدِّين بالمرّة، يجب عليهم أن يظلّوا على دينهم حتّى لو كان ذلك ظاهريّاً فقط.
لذا علينا أن نفكّر بشكل مختلف عن هذه العادات القَبَليّة، ونبدأ في البحث عن الطّريق الصّحيح إلى الله.
نبحث عن الطّريق إلى الله بدون أفكار وانطباعات وأحكام مُسبَقة، وبدون أيّ تحفُّظات. نبحث بصدق وأمانة لنعرف الطّريق الصّحيح إليه.
قد تسأليني: ولكن هذا قد يكون بعيداً عن مشكلتي! فماذا سأفعل، هل أترك ديني لأجل من أُحبّ؟
عزيزتي الشّابّة
نحن لا نعلم الغيب، ولا نعلم ما الذي يُخبّئه لنا المستقبل، ولكن الله يعرف جيّداً. لذا فأوّل خطوة وأهمّ خطوة هي أن تعرفي الطّريق الصّحيح إلى الله، ثمّ سيقود هو مستقبلك، وسيحمي حاضرك، وسيملأ قلبك بالسّلام والحكمة والفرح، وسيقودك لنصفك الآخر.
سواء كنتِ مسلمة أو مسيحيّة أو من أيّ خلفيّة أُخرى، أُشير عليك أن ترفعي قلبك إلى السّماء وتقولي لله هذه الكلمات:
"يا ربّ أنت تملأ كلّ الوجود
وأنت تسمعني في هذه اللّحظة
أنا حائرة وضعيفة
قلبي مُمزَّق ومتألِّم
ولا أعلم ماذا أعمل
أحتاج إليكَ
أحتاج لأن تُعرِّفني طريقك
أحتاج لأن تنتشلني من ضعفي
أحتاج لأن أشعر بمحبّتك تغمر قلبي
اِفْتح عيني والْمِس قلبي وعرِّفني طريقك
يا ربّ".