"إما أن الله يريد أن يمحو الشر ولكنه لا يستطيع، أو أنه
يستطيع ولكنه لا يريد، فلو كان يريد ولكنه لا يستطيع فهو عاجز. ولو كان يستطيع ولا يريد فهو شرير، ولو كان الله يستطيع ويريد فما هو تفسير وجود الشر في العالم" أبيقور، فيلسوف
قضية الألم
وموقف الله منه هي من أكثر القضايا التي تثير تساؤلات لدينا عن الله. فعندما ننظر للعالم من حولنا، نرى أنه غارق في الشر، الفقر، الأمراض والأوبئة، الكوارث الطبيعية، القتل.. إلخ
وبسبب ذلك تتولد لدينا تساؤلات، لماذا لا يتدخل الله ويوقف كل هذا الشر؟ هل خلقنا لكي نتألم؟ لماذا عندما طلبت الله لكي يتدخل ويشفي والدي من المرض لم يستجب، وتوفت والدتي بعد معاناة شديدة مع المرض؟ لماذا ترى هذه الأم الأفريقية ابناءها يموتون من الجوع أمام أعينها، ولا تستطيع مساعدتهم؟ لماذا؟؟؟؟
معنين لكلمة الشر
كلمة شر لها معنين، ولذلك فعلينا قبل المضي قدمًا في محاولة إجابة تساؤلاتنا الشائكة عن موقف الله من الشر، أن نوضح هذين المعنيين.
المعنى الأول: هو الشر بمعني الخطية.
المعنى الثاني: هو المصائب والكوارث والأمراض والحروب.. إلخ.
لماذا؟
الشر بالمعنى الثاني، أي الألم والمصائب والكوارث.. إلخ، له أسباب متعددة، ولذلك علينا أن ندرك الأبعاد الروحية لعالمنا المملوء بالشر بحسب الكتاب المقدس.
يقول الكتاب المقدس في رسالة أفسس 6 " فَإِنَّ مُصَارَعَتَنَا لَيْسَتْ مَعَ دَمٍ وَلَحْمٍ، بَلْ مَعَ الرُّؤَسَاءِ، مَعَ السَّلاَطِينِ، مَعَ وُلاَةِ الْعَالَمِ عَلَى ظُلْمَةِ هذَا الدَّهْرِ، مَعَ أَجْنَادِ الشَّرِّ الرُّوحِيَّةِ فِي السَّمَاوِيَّاتِ"
هناك حرب روحية بين مملكتين، مملكة الله التي تمثل الخير والسلام والحب.. ومملكة الشيطان التي تمثل الشر والخطية، وكل إنسان سواء أدرك ذلك أو لم يدركه، ينتمي لواحدة من هذه الممالك.
فضلاً على ذلك فحتى المنتمين لمملكة الله، لا يدرك الكثير منهم الحقائق الروحية التي تساعده في أن يحيا منتصرًا على الشر بنوعيه (الخطية + الألم).
ولذلك فالسبب الأول لوجود الشر وضخامته، هو انتماء عدد كبير من البشر لمملكة الشيطان. إن مملكته لها سلطان كبير على عالمنا، استمده من خضوع البشر إليه وانغماسهم في الخطية، تقول رسالة يوحنا الأولى 5: 19 "نَعْلَمُ أَنَّنَا نَحْنُ مِنَ اللهِ، وَالْعَالَمَ كُلَّهُ قَدْ وُضِعَ فِي الشِّرِّيرِ".
باختصار ما يقوله الإيمان المسيحي، إن العالم وضع في الشرير، إنه تحت سلطان الشيطان بسبب ممارساتنا وخطايانا وخضوعنا للشيطان، ولذلك فالشر ليس من الله وليس مصدر له، فلا يمكن أن يكون مصدر الحب والخير والسلام، مصدر للشر أيضًا..
ولكن السؤال الجوهري الذي بدأت به يطرح نفسه من جديد، هل الله غير قادر على أن يقضي على الشر؟ أم أنه لا يستطيع؟
الحلقة القادمة: بين قدرة الله وكماله المطلق
وإذا كنت تريد التحدث مع أحد يمكنك مساعدتك، فقط تواصل معنا الآن (من هنا)