زوجتي إنسانة متديّنة وعلى خُلُق. تعمل في شركة محترمة ولها مستقبل كبير فيها.
أنا صاحب محلّ اتّصالات في منطقة مزدحمة بالسّكّان. المشكلة أنّها منشغلة عنّي جدّاً، وأفتقد إلى الرّومانسيّة التي يتطلّع لها الرّجال. أشعر أنّ الله أوجد لي ما أنا أبحث عنه، فقد تعرّفت من خلال عملي على أحد الزّبائن، وهي سيّدة محترمة وللأسف متزوّجة أيضاً، لكن كما يقولون إنّ الكيميا بيننا رائعة وبنحبّ بعض. مرّة بعد مرّة بدأنا نخرج ونتزاور في وقت عدم وجود الزّوج في المنزل. بدأت العلاقة تزيد وبدأ التّفكير فيها يزيد طوال اليوم. لا أصبر حتّى نتلاقى معاً في اليوم التّالي ونمارس العلاقة مرّة تلو الأخرى.
أنا حائر وغلطان، أعيش في مرارة بسبب عدم نزاهتي وإخلاصي لزوجتي. أنا إنسان فاسد ولا أستحقّ الحياة ولا أستحقّ أن تعطيني زوجتي ثقتها بهذا المقدار. أنا خائن لها ولكن لا أريد أن أتوقّف عن هذه العلاقة الآثمة. أنا أريد كلّاً منهما في الوقت نفسه. ماذا أفعل؟ من فضلك لا تنصحني بترك العشيقة التي أستمتع بها وهي تستمتع معي. فنحن على وفاق معاً.
أنتظر ردّك …
شكراً ……
ع.
أخي العزيز
إنّي أُقدّر كثيراً رسالتك التي تطلب فيها حلّاً أو مَخرجاً، كما أنّي أفهم جيّداً مشاعر الذّنْب التي بداخلك و مشاعر الرّفض لفكرة ترك شخص تنجذب إليه وتستمتع معه، فمعاناتك هي معاناة الكثيرين. أغلب النّاس يريدون أن يكونوا صالحين، والأغلبية يتمنّون ألّا يُخطئوا وخصوصاً الأخطاء التي تُسبِّب الشّعور بالذّنْب القاسي. وكلّنا كبشر نُصارع بين ما نريد وما نرغب، وبين الاستقامة وفِعل الصّواب، أنت تريد ألّا تخطىء، وأيضاً تريد أن تستمتع حتّى لو هذا خطأ.
سأكتب إليك بعض الحقائق وأشجّعك من كلّ قلبي أن تفكّر في هذه الحقائق بعُمق:
• يخبرنا الكتاب المقدّس عن حقيقة أنّ ما نفعله في الظّلام لذيذ ومُمتع كما نقرأ في سِفر الأمثال 9: 17
، وأيضاً من طبيعتنا نحن كبشر أنّ ما نعتاد على وجوده في حياتنا، مع مرور الوقت نفقد شعورنا بقيمته ويصبح عاديّاً وأحياناً مُملّاً، وهذا جزء ممّا يحدث معك، فأنت مُستمتِع بهذه العلاقة و هي في الظّلام، وأيضاً لا تشعر في علاقتك بزوجتك بالمتعة والمشاعر نفسها على الرّغم من اقتناعك العقلي بها واحترامك لها ومحبّتك لها.
نحن البشر عاطفيّون ونتوق للحصول على الأشياء التي نُدرك أنّنا لا نستطيع الحصول عليها إلّا في الأحلام، فنحن نشعر بالإثارة تجاه الأشياء التي تُشكّل تحدّياً لنا، وهذا هو ما جعل النّاس يَضربون المثل القائل: كلّ ممنوع مرغوب. وهذه المشاعر تُشكّل قوّة هائلة في حياتنا، وبالمقابل ننفُر من الأشياء سهلة المَنال وأيضاً ما لا يمكننا التّخلُّص منه.
• أخي العزيز تأكّد أنّه لا يوجد شخص فيه كلّ ما تتمنّاه ولا ينقصه شيء، فلا يوجد كمال في هذه الحياة. فلنفترض أنّك زوجاً لعشيقتك وهي زوجتك، فإنّك كنت أيضاً ستفتقد بعض الأمور. أنا لا اقصد أن أقول أنّ ما تحتاجه غير مهمّ ولا أطلب منك أن تتنازل عن احتياجاتك، ولكنّي أوكّد لك أنّه من المحتمل جدّاً أنّك إذا تحدّثت مع زوجتك وعبّرت بلطف عن احتياجاتك وافتقادك لها، ستتجاوب معك، وربّما أيضاً تكتشف أنّك طرف في هذه المشكلة. إنّنا كمجتمعات شرقيّة نعاني من عدم التّعبير عن إحتياجتنا العاطفيّة والجنسيّة و نُحرَج منها، ولكن هذا الأمر يجب أن يتغيّر ويجب أن نُعبّر عن احتياجتنا. هذا ليس عيباً على الإطلاق، بل على العكس فإنّ التّعبير بانفتاح وشفافيّة يساعدنا على التّقرُّب من شركائنا ويُعمّق علاقاتنا، لا بدّ أن تقول ما تحتاجه ولا تتوقّع من الطّرف الآخَر أن يفهم بدون إخبارك له، فإنّ الفكرة التي تقول: "لو هيّ بتحبّني كانت فهمت أنا محتاج إيه"، غير صحيحة أبداً.
• لا تنسى أنّنا كبشر مختلفين في حجم مشاعرنا وشكل التّعبير عنها، فهناك لغات للمحبّة، كقضاء الوقت معاً، اللّمس، الكلمات المُشجِّعة، الهدايا، أعمال الخدمة. من المحتمل أن تكون لغة محبّتك، أقصد طريقتك في التّعبير عن الحُبّ تختلف عن طريقة زوجتك، فأنت تحتاج أن تتحدّث معها عمّا يعجبك وما تُحبّه وتفهم أيضاً ما تحبّه هي حتّى تستطيعا أن تُعبِّرا لبعضكما بلغة يفهمها كلًّا منكما، وتذكّر أنّه من أسرار المحبّة الدّائمة أنّ استقرار الزّواج يعتمد على الإرادة القويّة للزّوجين بأن يجعلا زواجهما ناجحاً. فالسّعادة الزّوجيّة اختيار.
• هناك جزء في طبيعتنا يرفض التّغيير إلى أن يتجاوز أَلَمنا حدّ خوفنا من هذا التّغيير. فنحن ببساطة نتجاهل الألم حتّى يصل إلى الحدّ الذي يُسيء إلينا فيَسحقنا، ومن ثمّ ندرك أخيراً أنّنا نحتاج إلى معونة، وهذا ما سيحدث معك، لأنّك متألّم حاليّاً من الشّعور بالذّنْب ولكن ما زال أَلَمك لم يصل بعد إلى أقصاه، وبكلّ تأكيد إنّك تعلم عن نتائج الخيانة و مصيرها المعروف، ولا أتمنّى لك أبداً أن تغيّر موقفك بعد أن يصل أَلَمك إلى أقصاه.
يقول الله في الكتاب المقدّس: "إنْ اعترفنا بخطايانا فهو أمين وعادل حتّى يغفر لنا خطايانا ويطهّرنا من كلّ إثم" رسالة يوحنّا الرّسول الأولى 1 : 9، لقد أخطات وما زلت تخطىء ولكن يوجد رجاء، اعترف بخطيّتك للرّبّ وتُبْ عنها، إنّ الله يغفر الذّنوب ويطهّر الضّمير وينقّي القلب، يقول الكتاب المقدس: "من هو إله مثلك غافر الإثم وصافح عن الذّنْب لبقيّة ميراثه. لا يحفظ إلى الأبد غضبه فإنّه يُسَرّ بالرأفة. يعود يرحمنا يدوس آثامنا وتُطرَح في أعماق البحر جميع خطاياهم" ميخا 7: 18 – 19
وبعد ذلك إِغفر لنفسك وانظر إلى نفسك على أنّك إنسان محترم وتستحقّ حياة محترمة.
أُطلب معونة الله وفكّر في زوجتك بشكل مختلف بناءً على ما ذكرته لك وصمّم على إنجاح زواجك، وتذكّر دائماً هذه الآية: "الرّبّ يعطي رحمةً ومجداً. لا يمنع خيراً عن السًالكين بالكمال" مزمور 84: 11