search
burger-bars
Share

ماذا تفعل لو كنت ...؟قبل أيّام عرَض عليّ إبني (10 سنوات) أن نلعب لعبة من اختراعه. فوافقت، وكنت متحمّس جدّاً لمعرفة اللّعبة التي اخترعها. فقال لي سيطرح كلّ واحد منّا سؤالاً على الآخر، وما أن يجيب عليه، يبدأ دور اللّاعب الثّاني. فوافقت، طالما الموضوع لا يتعدّى بعض الأسئلة التي يبدو أنّها سهلة نظراً لعمر إبني.

بالطّبع في كلّ لعبة يجب أن يبدأ هو، وهكذا حصل هذه المرّة، فطرح سؤاله الأوّل: "لو كنتَ أنت يوسف (إسم إبني) ماذا كنت ستفعل الآن؟" فاخترعت له إجابة يحبّها، ففرح بها، وقال لي: "دورك". فسألته أنا: "لو كنتَ أنت خليل ماذا كنت ستفعل الآن؟" فأجاب: "آخذ إبني وأشتري له بعض المثلّجات". ففهمت مغزى اللّعبة، فهو يريد إخباري بما يريده وما يرضيه. واستمرّت اللّعبة على هذا المنوال لبعض الوقت، ماذا تفعل لو كنتَ عمّي فلان؟ ماذا تفعل لو كنتَ جارنا فلان؟ ماذا تفعل لو كنتَ جدّي فلان؟ وأنا بالمثل كنت أسئله عن أصدقائه وعن أقرانه الذين في عمره. ضحكنا كثيراً من ذكر بعض الأسماء، وأحياناً من بعض الإجابات.

تطوّرت اللّعبة قليلاً، ودخل إبني في شخصيّات الكتاب المقدّس، مثل السّيّد المسيح، الرّسول بولس، النّبي يونان (يونس)، النّبي دانيال والنّبي داود، والملك سليمان. استغلّيت فرصة أنّ إبني يطرح الأسئلة عن هذه الشّخصيّات كي أُقدّم له بعض المعلومات أو المبادئ الهامّة التي قد يتذكّرها فيما بعد، وقد نجحت في ذلك.

لكن الغريب في الموضوع، هي الطّريقة التي انتهت بها اللّعبة، إذ كان دور إبني في طرح السّؤال فقال لي: "ماذا تفعل لو كنتَ خليل في عمر 20 سنة (أي قبل 18 سنة من الآن)؟" بالنّسبة لي خرج الأمر عن كونه لعبة، وفكّرت جدّيّاً ومَليّاً، فيما كنت لأفعله لو عاد بي الزّمن 18 عاماً إلى الوراء؟ أمور كثيرة مرّت كشريط سينمائي أمامي عن تلك الفترة التي سألني إبني عنها. فكّرت ببعض القرارات الخاطئة التي اتّخذتها في تلك الفترة، فكّرت بعلاقتي بأهلي (خاصّة والدي). فكّرت بعلاقة عاطفيّة كنت أعيشها. فكّرت بالعمل الذي كنت فيه، فكّرت بصداقاتي. وأخيراً، لم أستطع أن أُقدّم لإبني إجابة واحدة أقتنع بها وترضي عقلي وفكري وقلبي. ألحّ إبني عليَّ كثيراً كي يحصل على إجابة، لكنّني صمّمت أن نُنهي اللّعبة هنا، لأنّني أريد أن أفكّر بالأمر قليلاً لوحدي، لأنّني شعرت أنّني بحاجة كي أعمل جرد لحساب تلك الفترة. فعلى ما يبدو أنّ هناك الكثير من الأمور التي أتمنّى لو أنّها لم تكن، وأمور أخرى أتمنّى لو أنّني قمت بها (كإكمال دراستي). وغيرها الكثير خاصّة على صعيد العلاقات، فهناك أشخاص أندم أنّني تعرّفت عليهم، وآخرين أتمنّى لو أنّني متّنْت علاقتي بهم في تلك الفترة، لكن للأسف هم بعيدين عنّي جغرافيّاً كثيراً الآن.

وأنت عزيزي القارئ، هل هناك ما تفعله لو كنت أنت لكن قبل أعوام من الآن؟ هل هناك أمور بحاجة للإصلاح أو تعديل أو إضافة أو حذف؟ شخصيّاً وبناءً على معرفتي الشّخصيّة بالسّيّد المسيح وعلاقتي التي تربطني به، أتمنّى لو أنّني لم أتأخّر في هذه المعرفة وفي بناء هذه العلاقة. وما أتمنّاه لأجلك عزيزي القارئ هذه الآية التي قالها النّبي داود عن صوت الله: "اليوم إن سمعتم صوته فلا تُقسّوا قلوبكم" (مزمور 95: 8). أرجو ألّا تؤجّل في حال سمعت اليوم صوت الرّبّ يناديك لعلاقة مميّزة معه من خلال الإيمان بالسّيّد المسيح. 


 

مدوّنات - blogs