الثوب الثّاني ـ حِزام الكسر
يوحنّا 12: 24 و25 "الحقَّ الحقَّ أقول لكم إن لم تقع حبّة الحنطة في الأرض وتَمُتْ فهي تبقى وحدها. ولكن إن ماتت تأتي بثمر كثير. من يُحبّ نفسه يُهلكها ومن يُبغض نفسه في هذا العالم يحفظها إلى حياة أبديّة". |
|
التّسربل بالتّواضع لا بدّ أن يتبعه التّمنطق بالكسر. القداسة، وليس الأمان، هي الغرض من الرّحلة. من يبدأ رحلة الإيمان سرعان ما سيكتشف أنّ الفساد الذي يأتي من الدّاخل هو أخطر المصاعب وليس التّحدّيات الخارجيّة. نجد في كلمة الله أنّ الإنسان مكوَّن من: الإنسان الدّاخلي والإنسان الخارجي (2 كورنثوس 4: 16 لذلك لا نفشل بل وإن كان إنساننا الخارج يفنى فالدّاخل يتجدّد يوماً فيوماً). سيجد كلّ المسافرين في النّهاية أنّ الملكوت مقسّم بداخلهم. وسيكتشف كلّ منهم أنّ إنسانه الخارجي وإنسانه الدّاخلي ليسا متوافِقَين، إذ يتّجه كلّ منهما نحو وجهة مختلفة. نتعلّم عبر صفحات الكتاب المقدّس أنّ من يستمرّ إلى النّهاية ليس هو من ينجح في الحفاظ على الإنسان الخارجي، بل من يحرّر الإنسان الدّاخلي. السّرّ هو الكسر. هذا الرّداء يصبح ضروريّاً لمن يثبت بأمانة حتّى النّهاية. "وتشمان ني" خدم بالصّين خلال القرن العشرين، وكثيراً ما تكلّم عن الصّراع الذي ينشأ بين الإنسان الخارجي والإنسان الدّاخلي، وكيف تمنعنا وسائل التّشتيت التي يمارسها الإنسان الخارجي عن تنفيذ وصايا الله. لم يكن هذا الكلام مجرّد نظريّة لـ"ني" بل واقعاً عاشه خلال رحلة إيمانه. بعد الثّورة الاشتراكيّة، لاقى "ني" موجة من الاضطهادات العنيفة وقضى آخر عشرين سنة من حياته في السّجن. جاءت كلّ تعاليمه عن الكسر من الفترة التي قضاها في السّجن. ذلك الرّداء الذي يحرّر حياة الإنسان الدّاخلي. وانتهى "ني" بالاستنتاج بأنّ هناك قاعدة أساسيّة واحدة في المعاملات الإلهيّة يمكن أن تجعل الإنسان نافعاً في عَينَي الله: وهي الكسر. يخبرنا الرّبّ يسوع في يوحنّا 12 بأنّه "إنْ لم تقع حبّة الحنطة في الأرض وتَمُتْ فهي تبقى وحدها. ولكن إن ماتت تأتي بثمر كثير". هناك حياة تنبض داخل حبّة الحنطة لكنّها مغلّفة بقشرة خارجيّة. ما دام هذا الغطاء لم يُفتح، لا يمكن لحبّة الحنطة أن تنمو. إذاً السّؤال ليس هل هناك حياة في الدّاخل أَمْ لا؟ بل هل الغطاء الخارجي مفتوحاً أَمْ لا؟ الكسر يُتيح للحياة الدّاخليّة بأن تظهر على السّطح، ولكي يحدث هذا لا بدّ أن تُفقَد الحياة الخارجيّة. في متّى 14: 3 نجد درساً آخر عن الكسر. فقد جاءت امرأة إلى الرّبّ يسوع بقارورة طيب غالي الثمن وكسرتها وسكبت الطِّيب على رأسه. لو لم تُكسَر القارورة ما كان الطّيب سيُسكب وما كانت رائحته انتشرت. كثيراً ما نرى القارورة، الإنسان الخارجي، ككنز وثمنها يفوق ثمن الطِّيب. كثيرون يظنّون أنّ إنسانهم الخارجي أغلى ثمناً من إنسانهم الدّاخلي. ويصبح هذا عقبة من عقبات رحلة الإيمان. إنّنا نعتزّ بذكائنا ونسعى للنّجاح في حياتنا من خلال مهاراتنا ومخطّطاتنا. لكن بدون كسر الخارجي لن يظهر الدّاخلي. إذاً الكنز يوجد بداخل الإناء الخزفي، لكن لو الإناء الخزفي لم يُكسَر من سيرى الكنز الذي بالدّاخل؟ الهدف النّهائي من عمل الرّبّ في حياتنا هو كسر هذا الإناء الخزفي وفتح الغطاء. يتوق الرّبّ لإيجاد وسيلة ليبارك بها العالم من خلال المؤمنين به. الكسر هو طريق البركة، والرّائحة الطّيّبة والثّمر. لكنّه أيضاً طريق مرشوش بالدّم. حين نبدأ رحلة الإيمان، لا يمكننا تحمّل تكلفة حياة ليّنة وسهلة، لا بدّ أن نسمح للرّبّ بأن يحطّم إنساننا الخارجي، حتّى يجد وسيلة لإظهار عمله فينا. هذا الرّداء ضروريّ جدّاً للحياة رغم أنّه لا يمكن الحصول عليه إلاّ بالموت. لقراءة مقال "وتشمان ني" بالكامل، من فضلك اذهب إلى http://www.worldinvisible.com/library/nee/5f00.0638/5f00.0638.1.htm |
|
قال أحد المؤمنين المصريّين هذه الحقيقة عن الضّيقات، وكيف أنّها تُقسّي قلوب البعض وتُليّن قلوب البعض الآخر: " شعاع الشّمس الذي يُصلِّب الطّمي هو نفسه الذي يُذيب الشّمع. محتوى القلب ـ وليس الضّيقات ـ هو الذي سيحدّد ردّ الفعل في النّهاية". |
|
"لو البيضة كَسَرَتْها قوّة من الخارج ستنتهي الحياة التي بداخلها. لكن لو كَسَرتها قوّة داخليّة ستبدأ الحياة بها. الأمور العظيمة تحدث من الدّاخل" مجهول |
|
"يا ربّ، أضع نفسي مكسورة، بدون تحفّظ، بين يديك كذبيحة حيّة لأجل مستقبل الكنيسة، لأجل مستقبل الإنجيل، لعملك وأيضاً لأجل حياتي الخاصّة. يا ربّ، يسعدني أن أُقدِّم نفسي لك وأُعلِن أنّني مستعدّ للسّماح لك لتعمل فيّ بحريّة كاملة". |